النُظم الزراعية
سوف يبنى التكثيف المستدام للإنتاج المحصولي على أساس نظم زراعية تقدم
مجموعة عريضة من المنافع الإنتاجية والاجتماعية- الاقتصادية والبيئية
للمنتجين وللمجتمع بوجه عام.
تُزرع المحاصيل في إطار طائفة واسعة من نظم الإنتاج. ويوجد في أحد طرفي هذه
المتتالية نهج تدخلي، تسيطر فيه على معظم جوانب الإنتاج التدخلات
التكنولوجية من قبيل حرث التربة، ومكافحة الآفات والأعشاب الضارة مكافحةً
وقائية أو علاجية بواسطة المواد الكيماوية الزراعية، واستخدام الأسمدة
المعدنية لتغذية النباتات. وتوجد في الطرف الآخر نظم الإنتاج التي تتبع
نهجاً يهيمن عليه النظام الإيكولوجي والتي تكون نظماً منتجة وأكثر استدامة
على حد سواء. وهذه النظم الزراعية – الإيكولوجية تتسم عموماً بإحداث درجة
هزيلة من الاضطراب في النظام الإيكولوجي، وبتغذية النباتات من مصادر عضوية
وغير عضوية، وباستخدام التنوع البيولوجي الطبيعي والمدار على حد سواء
لإنتاج الغذاء والمواد الخام وخدمات النظم الإيكولوجية الأخرى. والإنتاج
المحصولي المستند إلى نهج نظام إيكولوجي هو إنتاج يدعم صحة الأراضي
الزراعية المستخدمة بالفعل، ويمكن أن يبعث الحياة من جديد في الأراضي
المتروكة في حالة سيئة نتيجة لسوء استخدامها في الماضي١.
وستتيح النظم الزراعية للتكثيف المستدام للإنتاج المحصولي تحقيق طائفة من الفوائد للمنتجين وللمجتمع ككل، وهي فوائد تتعلق بالإنتاجية وفوائد اجتماعية – اقتصادية وفوائد بيئية، من بينها ارتفاع واستقرار الإنتاج والربحية؛ والتكيف مع تغير المناخ والحد من القابلية للتأثر به؛ وتحسُّن أداء النظم الإيكولوجية وخدماتها؛ وحدوث انخفاضات في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الزراعة وكذلك ”الأثر الكربوني“ للزراعة.
وستستند هذه النظم الزراعية إلى ثلاثة مبادئ أساسية هي ما يلي:
- تحقيق زيادة في الإنتاجية الزراعية مع تحسُّن خدمات النظم الإيكولوجية في الوقت ذاته؛
- رفع معدلات الكفاءة في استخدام المدخلات الرئيسية، ومن بينها المياه والمغذيات ومبيدات الآفات والطاقة والأراضي واليد العاملة؛
- استخدام التنوع البيولوجي المدار والطبيعي لبناء قدرة النظم على الصمود في مواجهة الضغوط اللاأحيائية والأحيائية والاقتصادية.
وستختلف الممارسات الزراعية المطلوبة لتنفيذ تلك المبادئ تبعاً للظروف
والاحتياجات المحلية. ومع ذلك، سيكون من اللازم في جميع الحالات:
- أن تقلل إلى أدنى حد من اضطراب التربة وذلك بالإقلال إلى أدنى حد من الحرث الآلي وذلك توخياً للإبقاء على المادة العضوية الموجودة في التربة، وبنية التربة، وصحة التربة بوجه عام.
- أن تحسِّن وتصون الغطاء العضوي الواقي الموجود على سطح التربة، وذلك باستخدام المحاصيل ومحاصيل الغطاء أو مخلفات المحاصيل، توخياً لحماية سطح التربة، وحفظ الماء والمغذيات، وتعزيز النشاط البيولوجي للتربة، والمساهمة في الإدارة المتكاملة للأعشاب الضارة وللآفات.
- أن تزرع طائفة أوسع من أصناف النباتات – السنوية والمعمّرة – معاً وبالتتابع وبالتناوب، وهو ما يمكن أن يشمل أشجاراً وشجيرات ومراعٍ ومحاصيل، توخياً لتحسين تغذية المحاصيل وتحسين قدرة النظم على الصمود.
ومع ذلك من اللازم أن تكون هذه الممارسات، لكي تحقق التكثيف المستدام
الضروري لزيادة الإنتاج الغذائي، مدعومة بأربع ممارسات إدارية إضافية هي ما
يلي:
- استخدام أصناف مكيفة جيداً وعالية الغلة قادرة على الصمود في مواجهة الضغوط الأحيائية واللاأحيائية وذات نوعية تغذوية محسّنة؛
- تحسين تغذية المحاصيل استناداً إلى التربة الصحية، من خلال تناوب زرع المحاصيل والاستخدام الحكيم للأسمدة العضوية وغير العضوية؛
- الإدارة المتكاملة للآفات والأمراض والأعشاب الضارة باستخدام ممارسات ملائمة، والتنوع البيولوجي، ومبيدات الآفات الانتقائية، التي تنطوي على خطر ضئيل، عند الحاجة إليها؛
- كفاءة استخدام المياه، بالحصول على ”مزيد من المحاصيل من قطرات مياه أقل“ مع الحفاظ على صحة التربة والإقلال إلى أدنى حد من المؤثرات الموجودة خارج المزرعة.
مساهمة الممارسات الزراعية لنظم التكثيف المستدام في الخدمات الهامة للنظم الإيكولوجية | ||||
---|---|---|---|---|
عنصر النظام | ||||
الهدف | غطاء المهاد | الإقلال إلى أدنى حد من الحرث أو انعدام الحرث | نباتات بقلية للإمداد بالمغذيات النباتية | تناوب زرع المحاصيل |
محاكاة ظروف ”أرضية الغابات“ المثلى | ||||
الحد من فقدان الرطوبة نتيجة للتبخر من سطح التربة | ||||
الحد من فقدان الرطوبة نتيجة للتبخر من طبقات التربة العلوية | ||||
الإقلال إلى أدنى حد من أكسدة المادة العضوية الموجودة في التربة وفقدان ثاني أكسيد الكربون | ||||
الإقلال إلى أدنى حد من انضغاط التربة | ||||
الإقلال إلى أدنى حد من تقلبات درجة الحرارة عند سطح التربة | ||||
توفير إمدادات بصفة منتظمة من المادة العضوية كطبقة تحتية من أجل نشاط متعضيات التربة | ||||
زيادة مستويات النتروجين في منطقة الجذور والإبقاء عليها | ||||
زيادة قدرة منطقة الجذور على تبادل الكاتيونات | ||||
زيادة رشح الأمطار إلى أقصى حد، والإقلال من السيح إلى أدنى حد | ||||
الإقلال إلى أدنى حد من فقدان التربة في السيح والرياح | ||||
السماح بتراكم طبقات طبيعية لآفاق التربة والحفاظ على ذلك التراكم من خلال نشاط النباتات والحيوانات الموجودة في التربة | ||||
الإقلال إلى أدنى حد من الأعشاب الضارة | ||||
زيادة معدل إنتاج الكتلة الحيوية | ||||
تسريع تعافي مسامية التربة بواسطة النباتات والحيوانات الموجودة في التربة | ||||
الحد من مدخلات اليد العاملة | ||||
الحد من مدخلات الوقود/الطاقة | ||||
إعادة تدوير المغذيات | ||||
الحد من ضغط المُمرضات المتعلق بالآفات | ||||
إعادة بناء أوضاع وديناميات التربة التي لحقت بها أضرار | ||||
خدمات التلقيح |
وأحد المتطلبات الرئيسية للإنتاج المستدام إيكولوجياً هو أن تكون التربة صحية، مما يهيئ بيئة في منطقة الجذور تجعل نشاط النباتات والحيوانات الموجودة في التربة يبلغ حده الأمثل وتتيح جعل أداء الجذور يبلغ أقصى حد ممكن. فباستطاعة الجذور أن تمتص المغذيات النباتية والماء وأن تتفاعل مع طائفة من الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة والتي تعود بالفائدة على صحة التربة وعلى الأداء المحصولي ٢، ٦، ٧. وصون أو تحسين محتوى التربة من المادة العضوية، وبنية التربة، ومساميتها المرتبطة بذلك، هي مؤشرات بالغة الأهمية للإنتاج المستدام ولخدمات النظم الإيكولوجية الأخرى.
كي يكون أي نظام زراعي مستداماً في الأجل الطويل فإن فقدان المادة العضوية الموجودة فيه يجب ألا يتجاوز أبداً معدل تكوُّن التربة. وفي معظم النظم الإيكولوجية – الزراعية، لا يتسنى ذلك إذا تعرضت التربة لاضطراب بفعل الآلات٨. ولذا، تتمثل نقطة انطلاق رئيسية من أجل التكثيف المستدام للإنتاج – ولبنة بناء رئيسية للتكثيف المستدام للإنتاج المحصولي – في صون بنية التربة ومحتواها من المادة العضوية بالحد من إحداث اضطراب آلي في التربة أثناء عملية تثبيت المحاصيل وإدارة المحاصيل لاحقاً.
لقد أدت طرق الإنتاج التي تقلل إلى أدنى حد من الحرث أو لا تلجأ إليه – كما تُمارس في الزراعة التي تراعي حفظ الموارد – إلى حدوث تحسن كبير في أحوال التربة والحد من التدهور وتحسين الإنتاجية في كثير من أنحاء العالم. وغالبية الأراضي الزراعية ما زالت تُحرث أو تجري تسويتها أو تُعزق قبل كل محصول وأثناء نمو المحصول. والهدف من ذلك هو تدمير الأعشاب الضارة وتيسير تسرب الماء وتثبيت المحاصيل. بيد أن تكرار حدوث اضطراب في التربة العلوية يدفن غطاء التربة وقد يزعزع بنية التربة. ويتمثل تأثير إضافي في انضغاط التربة، مما يقلل من الإنتاجية٩.
ومن مساهمات الزراعة التي تراعي حفظ الموارد في التكثيف المستدام للإنتاج الإقلال إلى أدنى حد من إحداث اضطراب في التربة والإبقاء على سلامة مخلفات المحاصيل على سطح التربة. وتتضمن نُهج الزراعة التي تراعي حفظ الموارد الإقلال إلى أدنى حد من الحرث (أو الحرث السطحي)، الذي لا يُحدث اضطراباً إلا في نسبة التربة التي يجب أن تحتوي على صف البذور، وانعدام الحرث (الذي يسمى أيضاً عدم الحرث أو غرس البذور المباشر)، الذي ينمحي فيه اضطراب التربة بفعل الآلات وتُزرع فيه المحاصيل مباشرة في حوض بذور لا يكون قد حُرث منذ المحصول السابق٣.
يتمثل اعتبار آخر في ما يتعلق بالإدارة بشأن التكثيف المستدام للإنتاج المحصولي في دور كهرباء المزارع وتشغيلها الآلي. ففي كثير من البلدان، يمثل انعدام كهرباء المزارع عائقاً رئيسياً يحول دون تكثيف الإنتاج١٠. فباستخدام العمل اليدوي وحده، يستطيع المزارع أن يزرع ما يكفي من الغذاء لإطعام ثلاثة أشخاص في المتوسط إضافة إليه. ومع استخدام الجر الحيواني، يتضاعف هذا العدد، ومع استخدام جرار يزيد العدد إلى ٥٠ شخصاً أو أكثر١١. ويمكن أن يؤدي التشغيل الآلي الملائم إلى تحسين كفاءة الطاقة في إنتاج المحاصيل، مما يحسن الاستدامة والقدرة الإنتاجية ويقلل من التأثيرات الضارة على البيئة١٢، ١٣.
وفي الوقت ذاته، يشير عدم اليقين بشأن سعر وتوافر الطاقة في المستقبل إلى ضرورة اتخاذ تدابير للحد من الاحتياجات بوجه عام من حيث كهرباء المزارع وطاقتها. وباستطاعة الزراعة التي تراعي حفظ الموارد أن تقلل من تلك الاحتياجات بما يصل إلى ٦٠ في المائة، مقارنةً بالزراعة التقليدية. ويرجع الوفر إلى أن غالبية العمليات الحقلية الكثيفة الاستخدام للكهرباء، من قبيل الحرث، تنمحي أو تقل إلى أدنى حد، مما يخفف من أزمات اليد العاملة والكهرباء لا سيما أثناء تحضير الأرض. ويقل كثيراً الاستثمار في المعدات، لا سيما عدد وحجم الجرارات (وإن كانت الزراعة التي تراعي حفظ الموارد تتطلب استثماراً في أدوات زراعية جديدة وملائمة). وتنطبق الوفورات أيضاً على صغار المزارعين الذين يستخدمون العمل اليدوي أو الجر الحيواني. إذ تشير دراسات أُجريت في جمهورية تنزانيا المتحدة إلى أن الاحتياجات إلى اليد العاملة انخفضت بأكثر من النصف في السنة الرابعة لتطبيق أسلوب عدم الحرث في ما يتعلق بالذرة مع محاصيل غطاء١٤.
المعوقات المحتملة
تمثل بعض الأقاليم الزراعية تحديات خاصة في ما يتعلق بإدخال ممارسات محددة للتكثيف المستدام للإنتاج المحصولي. فعلى سبيل المثال، في إطار الزراعة التي تراعي حفظ الموارد، قد يحد انعدام هطول الأمطار في المناطق دون الرطبة وشبه القاحلة من إنتاج الكتلة الحيوية، مما يحد من كمية المحاصيل التي يمكن حصدها وكذلك من كمية المخلفات المتاحة للاستخدام كغطاء للتربة، أو علف، أو وقود. ومع ذلك، فإن الوفورات في استخدام المياه التي تتحقق بعدم حرث التربة تفضي عموماً إلى زيادات في الغلة في السنوات الأولى للتطبيق، على الرغم من انعدام المخلفات. وقد يتبين أن شح المغذيات النباتية عامل مقيِّد في المناطق الأكثر رطوبة، ولكن المستويات الأعلى من نشاط التربة البيولوجي الذي يتحقق يمكن أن يحسِّن مدى توافر الفوسفور وغيره من المغذيات في الأجل الطويل٧، ١٥.وكثيراً ما تُعتبر نظم الحرث التي تسبب مستوى منخفضاً من الاضطراب في التربة، أو نظم انعدام الحرث، غير ملائمة للزراعة في أصناف التربة سيئة الصرف أو المضغوطة، أو في أصناف التربة الشديدة الصلصال في المناخات الباردة والرطبة. وفي الحالة الأولى، إذا نجم سوء التصريف عن وجود مدى للتربة لا يمكن أن ينفذ الماء إليه بحيث يتعذر أن تصل إليه معدات الحرث، فإن الوسائل البيولوجية – من قبيل الجذور الراشحة وديدان الأرض والنمل الأبيض – يمكن أن تكسر هذه الحواجز العميقة التي تحول دون رشح الماء. وبمرور الوقت، تتيسر هذه الحلول البيولوجية بحدوث درجة هزيلة من الاضطراب في التربة. وفي الحالة الثانية، تستغرق أصناف التربة المغطاة بمهاد وقتاً أطول لكي تدفأ وتجف، مقارنةً بالأرض المحروثة. ومع ذلك، يمارس مزارعون عدم الحرث ممارسة ناجحة في ظل ظروف شديدة البرودة في كندا وفنلندا، حيث وجدت دراسات أن درجة حرارة أصناف التربة المغطاة لا تنخفض كثيراً في الشتاء١٣، ١٦.
وثمة تصور مغلوط آخر بشأن النظم القائمة على الإقلال إلى أدنى حد من الحرث أو انعدامه هو أن تلك النظم تؤدي إلى زيادة استخدام مبيدات الحشرات ومبيدات الأعشاب. وفي بعض النظم المكثفة، أدى التطبيق المتكامل لانعدام الحرث والتغطية بمهاد وتنويع المحاصيل إلى حدوث انخفاض في استخدام مبيدات الحشرات ومبيدات الأعشاب، وذلك من حيث الكميات المطلقة وكذلك العناصر الفاعلة المستخدمة لكل طن من الإنتاج، مقارنةً بالزراعة القائمة على الحرث ١٢، ١٣.
ي النظم اليدوية الخاصة بأصحاب الحيازات الصغيرة، يمكن الاستعاضة عن مبيدات الأعشاب بالإدارة المتكاملة للأعشاب الضارة. فعلى سبيل المثال، منذ بدء تطبيق الزراعة التي تراعي حفظ الموارد في منطقة كاراتو، بجمهورية تنزانيا المتحدة، في سنة ٢٠٠٥ توقف المزارعون عن الحرث والعزق وأصبحوا يزرعون محاصيل مختلطة من الذرة التي تُبذر بذورها مباشرة، والفاصوليا الياقوتية، والبسلة الهندية. وهذا النظام ينتج مهاداً سطحياً جيداً، بحيث تتسنى إزالة الأعشاب الضارة يدوياً بدون الحاجة إلى مبيدات للأعشاب. وفي بعض السنوات، تُزرع الحقول قمحاً وقد كانت النتائج التي تحققت بذلك إيجابية بوجه عام، بحيث زادت غلات الذرة من متوسط قدره طن واحد للهكتار إلى ٦ أطنان للهكتار. وقد تحققت هذه الزيادة الهائلة في الغلة بدون استخدام مواد كيماوية زراعية وباستخدام روث الماشية لتعديل التربة وكسماد١٧.
وثمة عائق محتمل آخر يحول دون التطبيق الواسع للزراعة التي تراعي حفظ الموارد هو الافتقار إلى وجود معدات ملائمة، من قبيل آلات بذر البذور وغرس النباتات التي لا تعتمد على الحرث إطلاقاً، وهي آلات كثيراً ما لا تتوافر لصغار المزارعين في البلدان النامية. وحتى حيثما كانت هذه المعدات تُباع، فإنها تكون في معظم الحالات أبهظ تكلفة من المعدات التقليدية وتتطلب قدراً كبيراً من الاستثمار الأولي من جانب المُزارع. ويمكن تذليل هذه المعوقات بتيسير سلاسل الإمداد بالمدخلات، وبالتصنيع المحلي للمعدات، وبالترويج لخدمات المقاولين أو مخططات تقاسم المعدات في ما بين المُزارعين من أجل الحد من التكاليف. ويمكن العثور على أمثلة رائعة لهذه النُهج في سهل الغانج – الهندي. وفي معظم سيناريوهات المزارع الصغيرة، ستلبي آلات غرس النباتات التي ينعدم معها حرث الأرض وتستخدم الجر الحيواني احتياجات مُزارع وحيد وتتجاوزها.
طريق المضي قُدُماً
ستستند النظم الزراعية الرامية إلى التكثيف المستدام للإنتاج المحصولي إلى المبادئ الأساسية الثلاثة المبينة في هذا الفصل، والتي تطبَّق باستخدام الممارسات الإدارية السبع الموصى بها وهي: الإقلال إلى أدنى حد من إحداث اضطراب في التربة، ووجود غطاء تربة عضوي دائم، وتنويع الأصناف التي تُزرع، واستخدام أصناف مكيفة وعالية الغلة مأخوذة من بذور جيدة، والإدارة المتكاملة للآفات، وتغذية النباتات استناداً إلى أصناف التربة الصحية، وإدارة المياه بكفاءة. ويشكّل إدماج المراعي والأشجار والثروة الحيوانية ضمن نظام الإنتاج، واستخدام مصادر طاقة المزارع ومعداتها استخداماً كافياً وملائماً، عنصرين رئيسيين أيضاً من عناصر التكثيف المستدام للإنتاج المحصولي.ويمكن أن يحدث بسرعة التحول إلى نظم التكثيف المستدام للإنتاج المحصولي عندما توجد بيئة تمكينية ملائمة، أو أن يحدث تدريجياً في المناطق التي يواجه فيها المزارعون معوقات زراعية – إيكولوجية أو اجتماعية – اقتصادية أو سياساتية معينة، من بينها الافتقار إلى المعدات الضرورية. وبينما سيتحقق بعض الفوائد الاقتصادية والبيئية في الأجل القصير، من الضروري وجود التزام أطول أجلاً من جانب جميع أصحاب المصلحة لتحقيق الفوائد الكاملة لهذه النُظم.
وسيكون رصد التقدم المحرز في ممارسات نظم الإنتاج ونواتجها أمراً ضرورياً. وتشمل المؤشرات الاجتماعية – الاقتصادية ذات الصلة مدى الربح الذي تحققه المزارع، وإنتاجية عوامل الإنتاج، ومقدار المدخلات الخارجية المستخدمة مقابل كل وحدة من الناتج، وعدد المُزارعين الذين يمارسون نظماً مكثّفة مستدامة، والمساحة المشمولة، واستقرار الإنتاج. ومؤشرات خدمات النظم الإيكولوجية ذات الصلة هي: وجود مستويات مرضية من المادة العضوية في التربة، وتوافر مياه نقية من منطقة تُمارس فيها الزراعة المكثفة، وانخفاض تحات التربة، وزيادة التنوع البيولوجي والحياة البرية داخل المناظر الطبيعية الزراعية، وحدوث انخفاض في الأثر الكربوني وكذلك في غازات الاحتباس الحراري.
ونظم الإنتاج الرامية إلى التكثيف المستدام للإنتاج المحصولي تتسم بكثافة المعارف ويُعتبر تعلمها وتطبيقها أمراً معقداً نسبياً. فبالنسبة لمعظم المزارعين والعاملين في مجال الإرشاد والباحثين وواضعي السياسات، تُعتبر هذه النظم أسلوباً جديداً لممارسة عملهم. وبناءً على ذلك، ثمة حاجة ماسة إلى بناء القدرة وتوفير فرص للتعلم (مثلاً من خلال مدارس المزارعين الحقلية) ودعم تقني من أجل تحسين مهارات جميع أصحاب المصلحة. وهذا سيتطلب دعماً منسقاً على المستويين الدولي والإقليمي لتعزيز المؤسسات الوطنية والمحلية. وسيتعين على مؤسسات التعليم والتدريب الرسمية على المستويين العالي والثانوي الارتقاء بمناهجها بحيث تتضمن تدريس مبادئ وممارسات التكثيف المستدام للإنتاج المحصولي.
المراجع
1. Doran, J.W. & Zeiss, M.R. 2000. Soil health and sustainability: Managing the biotic component of soil quality. Applied Soil Ecology, 15: 3–11.2. Pretty, J. 2008. Agricultural sustainability: Concepts, principles and evidence. Phil Trans Royal Society of London, B 363(1491): 447-466.
3. Kassam, A.H., Friedrich, T., Shaxson, F. & Pretty, J. 2009. The spread of Conservation Agriculture: Justification, sustainability and uptake. Int. Journal of Agric. Sust., 7(4): 292- 320.
4. Godfray, C., Beddington, J.R., Crute, I.R., Haddad, L., Lawrence, D., Muir, J.F., Pretty, J., Robinson, S., Thomas, S.M. & Toulmin, C. 2010. Food security: The challenge of feeding 9 billion people. Science, 327: 812- 818.
5. Pretty, J., Toulmin, C. & Williams, S. 2011. Sustainable intensification in African agriculture. Int. Journal of Agric. Sust., 9.1. (in press)
6. Shaxson, F., Kassam, A., Friedrich, T., Boddey, R. & Adekunle, A. 2008. Underpinning the benefits conservation agriculture: Sustaining the fundamental of soil health and function. Main document for the Workshop on Investing in Sustainable Crop Intensification: The case of soil health, 24-27 July. Rome, FAO.
7. Uphoff, N., Ball, A.S., Fernandes, E., Herren, H., Husson, O., Laing, M., Palm, C., Pretty, J., Sanchez, P., Sanginga, N. & Thies, J., eds. 2006. Biological approaches to sustainable soil systems. Boca Raton, Florida, USA, CRC Press, Taylor & Francis Group.
8. Montgomery, D. 2007. Dirt, the erosion of civilizations. Berkeley and Los Angeles, USA, University California Press.
9. FAO. 2003. World agriculture: Towards 2015/2030, by J. Bruinsma, ed. UK, Earthscan Publications Ltd and Rome, FAO.
10. Mrema, G.C. 1996. Agricultural development and the environment in Sub-Saharan Africa: An engineer’s perspective. Keynote paper presented at the First International Conference of SEASAE, Oct. 2-4, 1996, Arusha, Tanzania.
11. Legg, B.J., Sutton, D.H. & Field, E.M. 1993. Feeding the world: Can engineering help? Fourth Erasmus Darwin Memorial Lecture, 17 November 1993, Silsoe.
12. Baig, M.N. & Gamache, P.M. 2009. The economic, agronomic and environmental impact of no-till on the Canadian prairies. Canada, Alberta Reduced Tillage Linkages.
13. Lindwall, C.W. & Sonntag, B., eds. 2010. Landscape transformed: The history of conservation tillage and direct seeding. Saskatoon, Canada, Knowledge Impact in Society.
14. Friedrich, T. & Kienzle, J. 2007. Conservation agriculture: Impact on farmers’ livelihoods, labour, mechanization and equipment. Rome, FAO.
15. Giller, K.E., Murmiwa, M.S., Dhliwayo, D.K.C., Mafongoya, P.L. & Mpepereki, S. 2011. Soyabeans and sustainable agriculture in Southern Africa. Int. Journal of Agric. Sust., 9(1). (in press)
16. Knuutila, O., Hautala, M., Palojarvi, A. & Alakukku, L. 2010. Instrumentation of automatic measurement and modelling of temperature in zero tilled soil during whole year. In: Proceedings of the International Conference on Agricultural Engineering AgEng 2010, Towards Environmental Technologies, Clermont Ferrand, France, Sept. 6-8. France, Cemagref.
17. Owenya, M.Z., Mariki, W.L., Kienzle, J., Friedrich, T. & Kassam, A. 2011. Conservation agriculture (CA) in Tanzania: The case of Mwangaza B CA farmer field school (FFS), Rhotia Village, Karatu District, Arusha. Int. Journal of Agric. Sust., 9.1. (in press)